للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإجماع]

هو اتفاقُ الفقهاء المجتهدين مِنْ أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته على أمرٍ من الأمور الشرعية، قولاً أو فعلاً، في أي عصرٍ من العصور.

وذهب بعض الأئمة الكبار: إلى أن الإجماع لا يمكن تحقُّقه إلاَّ في عصر الصحابة، إذ كانوا قليلين، وكانت تجمعهم رقعة ضيقة من الأرض، وأما بعد هذا العصر: فقد تفرَّق الفقهاء وحَمَلةُ السنة في نواح متعدِّدةٍ؛ كالعراق، والشام، والمغرب، والحجاز، واليمن، وصار الاطلاع على آراء جميع الفقهاء منهم في عصرٍ واحدٍ مع هذا التفرُّق كالمتعذِّر.

لكنْ: جمهورُ الفقهاء على القول بجوازِ الإجماع في كل عصرٍ، فإذا حدَثَتْ حادثة وأفتى فقيه مجتهد، أو حكَمَ بها قاضٍ مجتهدٌ، ثم تناقلها المجتهدون من المفتين والقضاة، وارتضَوْهَا وعملوا بها، ولم يوجد مخالفٌ ممَّن بلغتهم: فهذا إجماعٌ قوليٌّ، ومن المقرِّين لها إجماعٌ سكوتيّ.

وقد يكونُ الإجماعُ عمليًّا كالعمل بما تقتضيه العادة والعرف.

[حجية الإجماع]

ذهَبَ جمهورُ علماءِ الأصول: إلى أن الإجماع حجةٌ قطعية، وأنه أصلٌ من أصول التشريع.

وإذا اتفق أكثرُ المجتهدين على حكم مسألةٍ شرعيَّة اجتهاديَّة، وخالفهم قليلٌ من العلماء، فما قال به الأكثَرُ لا يعتبرُ إجماعًا، وإنما يعتبرُ حجةً شرعية فقط؛ وذلك لقوَّته.

وكثيرٌ من الفقهاء المنتصرين لمذاهبهم، أو لمسألة يَرَوْنها يُسْرِفون في حكايةِ الإجماع، فأيُّ مسألة ينقلون الإجماع فيها، إذا تتبَّعها الباحثُ وجَدَ الخلافَ فيها.

قال ابن القيِّم: عادةُ ابن المنذر إذا رأى أكثَرَ أهلِ العلمِ قالوا في مسألة،

<<  <  ج: ص:  >  >>