للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صلاة المسافر والمريض]

مقدِّمة

قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": خصَّ تبارك وتعالى المسافر في سفره بالترفه، فخصَّه بالفطر والقصر، وهذا من حِكْمة الشارع؛ فإنَّ السفر في نفسه قطعة من العذاب، وهو في نفسه مشقة وجهد، ولو كان المسافر من أرفه الناس، فإنَّه في مشقة وجهد بجسمه، فكان من رحمة الله بعباده وبِرِّه بهم أن خفَّف عنهم شطر الصلاة، واكتفى منهم بالشطر.

فلم يفوِّت عليهم مصلحة العبادة بإسقاطها في السفر جملة، ولم يُلزم بها في السفر كإلزامه بها في الحضر، وأما الإقامة فلا موجب لإساقط الواجب فيها, ولا تأخيره، وما يعرض فيها من المشقة والشغل فأمرٌ لا ينضبط ولا ينحصر، فلو جوِّز لكل مشغول، وكل مشقوق عليه، الترخيص -ضاع واضمحل بالكلية، وإن جوِّز للبعض لم ينضبط، فإنه لا وصف يضبط ما تجوز معه الرخصة، وما لا تجوز، بخلاف السفر.

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: من قواعد الشريعة: "أنَّ المشقة تجلب التيسير", ولما كان السفر قطعة من العذاب، يمنع العبد نومه، وراحته وقراره، رتَّب الشارع عليه ما رتَّب من الرخص، وحتى لو فرض خلوه عن المشقات؛ لأنَّ الأحكام تتعلَّق بعللها التامة، وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>