للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة؛ فمن تقديم أخف المفسدتين على أشدهما: خرق الخَضِر للسفينة خشية من ذهابها كلها، وكقتله الغلام خشية من كفر أبويه بسبب بقائه.

[القاعدة السادسة والعشرين: (الضرورات تبيح المحظورات)]

الشرح: الضرورة هي العُذْرُ الذي يجوزُ بسببه إجراء الشيء الممنوع، وارتكابُ المحظورة؛ كأكل الميتة عند الضرورة، وإجراءِ كلمة الكفر عند الإكراه الشديد.

ويجب أن يلاحظ أن ما أبيح للضرورة يقدَّر بقدرها، فمن اضطرَّ إلى أكل الميتة، لا يأكُلُ منها إلاَّ بقدر ما يُمْسِكُ عليه حياته، ولا يَشْبَعُ منها.

[القاعدة السابعة والعشرون: (درء المفاسد أولى من جلب المنافع)]

الشرح: القصد من تشريعِ الأحكام دفعُ المفاسد عن الناس، وجَلْبُ المصالح لهم، والمصالحُ المحضة أو المفاسد المحضة قليلة، ولكن إذا تعارضَتْ مفسدةٌ ومصلحة، فإن دفع المفسدة يقدَّم على جلب المصلحة؛ بناءً على أن الشريعة عنيت بالمنهيات أكثَرَ من عنايتها بالمأمورات.

القاعدة الثامنة والعشرون: (الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا):

الشرح: هذه قاعدة جليلة؛ لأنَّ أحكامَ الله تعالى تدورُ على حِكَمٍ سامية، وأسرار عالية؛ تحقِّق المصالح، وتدرأ المفاسد، فمتى وجدت هذه الأسرارُ والحِكَمُ الربَّانية، وجدت أحكام تناسبها، ويدور الحكمُ حيث تدورُ العلةُ إثباتًا أو نفيًا.

والحكمة التشريعية قد يَنُصُّ عليها الشارع الحكيم، وقد يستنبطها العلماء، وقد يكون للحكمِ الشرعيِّ عدةُ أسرار وحِكَم، ويثبت الحكمُ بوجود واحدة.

وقليلٌ من الأحكام لا يَفْهَمُ العلماءُ لها حكمةً بيِّنة، فيسمُّونها: الأحكام التعبدية، وأحكامُ الله تعالى تتمثَّل واضحة في قوله تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: ١٥٧]، وقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>