للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد خالف الشرع؛ إذ ليس لأحد أن يقتل نفسه، ولا أن يفوِّت عضوًا من أعضائه ولا مالاً من ماله، قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء، الآية: ٢٩]، وقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة، الآية: ١٨٨].

[سكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الزيادة على المشروع مع الداعية إلى الزيادة نهي عن الزيادة]

السكوت عن شرعية الحكم على ضربين:

أحدهما: أن يسكت عنه؛ لأنَّه لا داعية له تقتضيه، ولا مُوجِبَ يقدِّر لأجله؛ كالنوازل التي حدثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها، وإجرائها على ما تقرَّر في كُلِّيَّاتها، وما أحدثه السلف الصالح راجعٌ إلى هذا القسم؛ من جمع المصحف، وتدوين العلم، وتضمين الصناع، وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن من نوازل زمانه، ولا عرض للعمل بها مُوجبٌ يقتضيها.

فهذا القسم جاريةٌ فروعه على أصوله المقررة شرعًا بلا إشكال، والقصد الشرعي فيها معروف.

الثاني: أن يسكت عنه، وموجبه المقتضي له قائم، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمن.

فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص؛ لأنَّه لما كان هذا المعنى المُوجِبُ لشرع الحكم العملي موجودًا، ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه، كان ذلك صريحًا في أنَّ الزائد على ما كان هناك بدعةٌ زائدة، ومخالفة لما قصده الشَّارع؛ إذ فهم من قصده الوقوف عندما حد -هنالك- لا الزيادة عليه ولا النقصان منه.

وذلك مثل سجود الشكر عند من لم يثبت ذلك عنده كمالك -رحمه الله-

<<  <  ج: ص:  >  >>