للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمكلَّف على تلك النسبة.

وأمَّا القصد التابعُ: فلا يترتَّب عليه ذلك كله؛ لأنَّه حين أخذ الأمر والنَّهي بالحظ، أو أخذ العمل بالحظ؛ قد قصر الحظ عن إطلاقه، وَخَصَّ عمومه؛ فلا ينهض نهوض الأوَّل، وشاهده قاعدة: "الأعمال بالنيات".

[يعظم الأجر بقصد المصلحة العامة]

العمل على المقاصد الأصليَّة يصيِّر الطَّاعةَ أعظَمَ، وإذا خُولِفَتْ، كانت معصيتها أعظَمَ.

أمَّا الأوَّل: فلأنَّ العاملَ على وَفْقها عاملٌ على الإصلاح لجميع الخلق، والدَّفْعِ عنهم على الإطلاق؛ لأنَّه إمَّا قاصدٌ لجميع ذلك بالفعل، وإمَّا قاصرٌ نفسَهُ على امتثال الأمر الذي يدخُلُ تحت قصده كُلُّ ما قصده الشَّارع بذلك الأمر، وإذا فعل، جُوزِيَ على كلِّ نفسٍ أحياها، وعلى كلِّ مصلحةٍ عامَّة قصدها، ولا شكَّ في عِظَمِ هذا العمل؛ ولذلك كان من أحيا النَّفس، فكأنَّما أحيا الناس جميعًا؛ بخلاف ما إذا لم يعمَلْ على وفقه، فإنَّما يبلغ ثوابُهُ مبلَغَ قصده؛ لأنَّ الأعمال بالنِّيات، فمتى كان قصده أعمَّ كان أجره أعظم، ومتى لم يعم قصده لم يكن أجره إلاَّ على وزن ذلك، وهو ظاهر.

وأمَّا الثاني: فإنَّ العامل على مخالفتها عاملٌ على الإفسادِ العامِّ، وهو مضادٌّ للعامل على الإصلاحِ العامِّ، وقد مرَّ أنَّ قصد الإصلاحِ العامِّ يعظُمُ به الأجر، فالعاملُ على ضدِّه يعظُمُ به وزره؛ ولذلك كُتِبَ على ابن آدم الأوَّل كِفْلٌ من وِزْرِ كلِّ من قَتَلَ النفسَ المحرمة؛ لأنَّه أوَّلُ من سنَّ القتل، وكان من قتل النفس فكأنَّما قتل النَّاس جميعًا، ومن سنَّ سنَّة سيئةً كان عليه وِزْرُها وَوِزْر من عمل بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>