صفة الحج بيان ما شرع فيه من أقوال وأفعال، وفيها حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم، فإنه وصف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- من حين خرج من المدينة حاجًّا إلى أن عاد إليها من حجته -صلى الله عليه وسلم-، وسيكون بيان الحج وصفته بذكر ما ساقه المؤلف من هذا الحديث الشريف، وشرحه إن شاء الله تعالى.
وأما مكة المكرَّمة التي شرفها الله تعالى ببيته الحرام والبقاع المقدسة، فهي البلد الحرام الذي جعله الله تعالى مبعثًا لخاتم أنبيائه، ومهبطًا لآخر رسالاته، تلك الرسالة العامة الشاملة الثابتة الباقية، لما جعل الله تعالى فيها من مقومات البقاء، وعناصر الخلود، مما يكفل لها هذا البقاء الأبدي والشمول الذي لا ينتهي، فكان مصدرها من أم القرى، التي صارت بهذه الرسالة عاصمة الدنيا، وقبلة المسلمين.
قال الأستاذ حسين كمال الدين أحمد: إنَّ مكة المكرمة في الإسقاط المساحي المكي هي مركز العالم كله، ولقد أصبح من البديهي أنَّ الأرض كروية، وأنَّ الكرة الأرضية تدور حول نفسها دورة منتظمة، ولابد من محور ثابت داخل هذه الكرة يحدد النقطتين الثابتتين القطب الشمالي والقطب الجنوبي، والخط الدائري هو خط الاستواء.
وعندما تمَّ توقيع حدود القارات السبع على خريطة الإسقاط، وجدنا أنَّ الحدود الخارجية لهذه القارات يجمعها محيط دائرة واحدة، مركزها عند مكة المكرمة، أي أنَّ مكة المكرمة تعتبر مركزًا وسطًا للأرض اليابسة على سطح الكرة الأرضية، فهذا الإسقاط المكي الجديد يعطي مكة المكرمة مركزًا خاصًّا بين أماكن العالم، ولله في خلقه أسرار.