للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي العبادات: كالرخص في الطهارة والتيمُّم والمسح على الخف، وفي الصلاة، كالقصر والجمع للمسافر، وفي الحج؛ كالحج عن العاجز.

وفي العادات: كالصيد والتمتُّع بالطَّيِّبات.

وفي المعاملات: كالقرض والعارية.

وفي الجنايات: كالحكم باللوث ووضع الدية على العاقلة.

وأما التحسينيات: فهي من الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنُّب الأحوال المدنِّسات، ويجمع ذلك قسمُ مكارمِ الأخلاق:

ففي العبادات كإزالة النجاسة، وفي العادات كأدب الأكل، وفي المعاملات كالمنع من بيع فضل الماء، وفي الجنايات: كمنع قتل الحر بالعبد، فهذه الأمورُ راجعةٌ إلى محاسنَ زائدةٍ على أصل المصالح الضروريَّة والحاجيَّة؛ إذ ليس فقدانها بمُخِلٍّ بأمر ضروري ولا حاجي، وإنما جرت مجرى التحسين والتزيين.

[المسألة الثانية: المقاصد عامة في جميع التكاليف والأزمان والأحوال]

وإذا ثبت أن الشارع قد قصَدَ بالتشريع إقامةَ المصالح الأخرويَّة والدنيويَّة على وجهٍ لا يُخِلُّ لها به نظام، فلابد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديًّا، وكليًّا، وعامًّا في جميع أنواع التكليف، وجميع الأحوال، وكذلك وجدنا الأمر فيها، ولله الحمد.

[المسألة الثالثة: المقاصد المعتبرة في الشريعة]

المقصدُ: هو جَلْبُ المصلحة أو تكميلُها، ودفعُ المفسدة أو تقليلُهَا، والمصالحُ المجتلبة شرعًا والمفاسدُ المستدفعة إنما تعتَبَرُ من حيثُ تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، لا من حيثُ الأهواءُ والنفوسُ في جَلْبِ مصالحها العادية أو دَرْءِ مفاسدها العادية؛ ذلك أن الشريعة إنما جاءت لتخرج الناس من دواعي أهوائهم حتى يكونوا عبادًا لله، قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١].

<<  <  ج: ص:  >  >>