للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزمه الصوم؛ لعلمه أنَّه من رمضان، فلزمه حكمه، ونقل حنبل: لا يلزمه الصوم، واختاره الشيخ وغيره: قال: يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون" [رواه الترمذي (٨٠٢) ومعناه: أنَّ الصوم والفطر مع الجماعة ومعظم الناس، وأنَّه لو رأى هلال النحر وحده، لم يقف بعرفة، دون سائر الحجاج.

٣ - يدل الحديث على أنَّ التَّعبد بعيد الفطر، والتعبد يوم الأضحى بالشعائر، من صلاةٍ وذبحٍ ومناسك -هي يوم يؤديها المسلمون معتقدين صوابها، ولو ظهر لهم بعد ذلك الخطأ في رؤية الهلال، فليس عليهم عتبٌ ولا وزرٌ، وما أتوا به من عبادات فصحيح، واقع موقعه عند الله تعالى، وهذا تخفيف من الله على عباده وتيسير عليهم، واعتبار لما وقع من هذه الأمة المعصومة، التي لا تجتمع على ضلال.

قال في "نيل المآرب" وغيره: وإن أخطأ الناس أو أكثرهم؛ بأن وقفوا بعرفة يوم الثامن، أو العاشر -أجزأهم ذلك؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون" [رواه الترمذي (٨٠٢)].

٤ - يؤخذ من ذلك وجوب اتحاد المسلمين، وتوحيد صفهم، وجمع كلمتهم؛ ليكونوا أمةً واحدةً في نصر دينهم، وإعلاء كلمة ربهم، ونشر دينه، وليتحدوا في وجه عدوهم، فها هي ذي أحكام الإسلام لا تعترف إلاَّ بالأحكام العامة، ولا ترى للشاذ عن جماعة المسلمين حكمًا بنفسه، فلا صفة له معتبرة، حتى ولو تيقن صدق نفسه، فيدُ الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، وإنما تؤكل من الغنم القاصية، فأحكام الإسلام تعلمنا الاتحاد والاجتماع، وعدم الاختلاف والتفرق؛ قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>