أثناء وجود الأرض بين الشمس والقمر، ولا تكون هذه الظاهرة إلاَّ عندما يكون القمر في مخروط ظل الأرض، ويكون الخسوف جزئيًّا إذا كان جزء من القمر في مخروط ظل الأرض، وكما أنَّ للكسوف والخسوف أسبابه العادية، التي تدرك بعلم هذه الأسباب المادية -فله حكمته الإلهية الربانية، فعندما تقضي الحكمة الإلهية تغيير شيء من آيات الله الكونية؛ كالكسوف والخسوف والزلازل؛ ليوقظ الله عباده من الغفلة بترك الواجبات، وارتكاب المنهيات، تقدر الأسباب الحسية العادية، لتغيير هذا النظام الكوني؛ ليعلم العباد أنَّ وراء هذه الاكوان العظيمة مدبِّرًا قديرًا بيده كل شيء، وهو محيطٌ بكل شيء، فهو قادر على أن يعاقبهم بآية من آياته الكونية، كما أهلك الأمم السابقة بالصواعق والرياح، والطوفان والزلازل والخسوف، كما أنَّه قادر على أن يسلبهم نور الشمس والقمر، فيظلون في أرضهم يعمهون، أو يصيبهم بالقحط فتذوى أشجارهم، وتجف أنهارهم؛ قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)} [السجدة]، ولكننا أصبحنا في زمن المادة وطغيانها، فصار الناس لا يدركون المعاني المعنوية من التحذير من عذاب الله، وتذكير نعمه.
وصلاة الكسوف: استنبطها بعض العلماء من قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)} [فصلت].
وأما السنة: فقد تواترت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحكى الإجماع على مشروعيتها جمعٌ من العلماء.
ويستحب عندها الدعاء، والاستغفار، والالتجاء إلى الله تعالى، والصدقة، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، حتى يكشف الله ما بالناس، والله بعباده غفور رحيم.