والمثنى والجمع، سُمِّيَ جُنُبًا؛ لأنَّه أُمِرَ أنْ يَجْتَنِبَ مَوْضِعَ الصَّلاَةِ ما لم يتطهر، أو لأنَّ ماءه جانب وباعد محله ومستقره، وقيل: لمجانبته النَّاس حتَّى يغتسل.
- ليغتسل:"الَّلام" للتعليل -لام كي- والفعل منصوب بِـ"أنْ" مضمرة بعدها، وما قبلها يكون مقصودًا لحصول ما بعدها.
- لا يجنب: من جنب كفَرِح وككَرُم، أي بكسر عين الفعل أو ضمِّها، فيجوز فتح النون وضمُّها من مضارعه، هذا إذا جعلته من الثلاثي، ويصح أنْ يكون رُبَاعيًّا من أجنب يُجْنِبُ، وهو إصابةُ الجنابة، والمعنى: أنَّ الماء لا تصيبه الجنابة.
* مَا يؤْخَذُ من الحديث:
١ - جواز اغتسال الرجل بفضل طهور المرأة، ولو كانت المرأة جنبًا، وبالعكس، فيجوز للمرأة أنْ تغتسل بفضل طهور الرجل من باب أولى. قال ابن عبد البر في الاستذكار: الأصل في الماء الطهارة؛ لأنَّ الله قد خلقه طهورًا، فهو كذلك حتَّى يجمع المسلمون أنَّه نجس، والمؤمن لا نجاسة فيه، فالنجاسة أعراضٌ داخلة، والمرأة في ذلك كالرجل إذا سلما ممَّا يَعْرِضُ من النجاسات.
٢ - أنَّ اغتسال الجنب أو وضوء المتوضِّىء من الإناء، لا يُؤثِّرُ في طهورية الماء؛ فيبقى على طهوريته.
٣ - حكى الوزير والنووي وغيرهما الإجماع على جواز وضوء الرجل بفضل طهور المرأة، وإنْ خَلَتْ به، إلاَّ في إحدى الروايتين عن أحمد، وهي الرواية المشهورة عند أصحابنا؛ فإنَّهم يرون أنَّ المرأة إذا خلت بالماء القليل لطهارة كاملة عن حدث، فإنَّه لا يُطَهِّر الرجل.
والرواية الأخرى: قال عنها في الإنصاف: وعن الإمام أحمد: يرفع حدث الرجل في أصح الوجهين، واختارها ابن عقيل وأبو الخطَّاب والمجد. قال في الشرح الكبير: هو أقيس، وهو مذهب الأئمة الثلاثة.