للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنَّه يدل على الجزع، وعدم الثبات والاحتساب على قضاء الله تعالى.

٣ - إن كان غير صابر، ولابد من الدعاء، فليقل: "اللَّهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي"، هذا هو الرخصة؛ ذلك أنَّ الدنيا دار ممر، والأخرى هي المقر، فلا يعلم المبتلى في بدنه، أو ماله، أو جاهه، أو غير ذلك، أنَّ لك خيرٌ له في أُخْراه، إذا صبر واحتسب.

٤ - أما إذا كان الخوف من الفتنة في الدين، فإنَّه لا بأس من تمني الموت، فقد قالت مريم عليها السلام: {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣)} [مريم].

فهي قد تمنت الموت، لا جزعًا من وجع الولادة، وإنما تمنت الموت خوفًا من الفضيحة، حينما ينكر قومها أمرها، ويظنون بها الشر، ثم يقعون في ذمها وعرضها.

وكذا جاء في الحديث: "وإذا أردتَ بعبادك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون" [رواه الترمذي (٣٢٤٧) وصححه].

فتمني الموت في الفتنة في الدين جائز، وليس مما يتناوله الحديث.

٥ - مناسبة هذا الدعاء لمن أراد تمني الموت أن يفوض الأمر إلى الله تعالى، فهو جلَّ وعلا الذي يعلم مصالح العبد، وما هو أولى به في الحياة، أو الموت.

٦ - يدل الحديث وأمثاله على وجوب الصبر، وحكاه شيخ الإسلام إجماعاً، وقال: إنَّ الثواب على المصائب معلق على الصبر عليها، وأما الرضا فمنزلة فوق الصبر، فإنَّه يوجب رضا الله عزَّ وجل.

والصبر حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب ونحوها.

والشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الصبر، وهي مطلوبة شرعًا، مندوب

<<  <  ج: ص:  >  >>