٣ - العبادات نوعان: نوع تدخله النيابة؛ كالصدقة والحج، فهذا يصل ثوابه إلى الميت، ونوع لا تدخله النيابة بحال؛ كالإسلام والصلاة والقراءة والصيام، فهذا النوع يختص بفاعله لا يتعداه، ولا ينتقل عنه، كما أنَّ في الحياة ما لا يفعله أحد عن أحد.
٤ - وقد جاء في "سنن النسائي الكبرى"(٢/ ١٧٤) عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يصلين أحد عن أحد، ولا يصومن أحد عن أحد، ولكن يُطعِمُ عنهُ".
٥ - معارَض بالقياس الجلي على الصلاة والإسلام والتوبة؛ فإنَّ أحدًا لا يفعلها عن أحد.
أجاب الذين يرون وصول الثواب بما يلي:
قال ابن القيم: ليس فيما ذكرتم ما يعارض الكتاب والسنة، واتفاق السلف، ومقتضى قواعد الشرع.
وأما قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]، وقوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم]-فيبين مقتضى عدل الرب أنَّه لا يعاقب أحداً بجُرم غيره، وأنَّ الإنسان لا يفلح إلاَّ بعمله وسعيه، فالآية الأولى تؤمن من أخذ العبد بجريرة غيره، كما يفعله ملوك الدنيا، والآية الثانية تقطع طمعه من نجاته، بعمل آبائه وسلفه ومشايخه، كما عليه أصحاب الطمع الكاذب، فتأمل حُسن اجتماع هاتين الآيتين.
والآية لم تنف انتفاع الرجل بسعي غيره، وإنما نفت ملكه لسعي غيره، وبَينَ الأمرين من الفرق ما لا يخفى، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه، فإن شاء