للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحثٌ فيه ردٌّ لمطاعن الزنادقة في هذا الحديث:

طعن بعض الزنادقة في هذا الحديث، بل تعدَّاه الطعن إلى الطعن في أبي هريرة -رضي الله عنه- ومن هؤلاء "محمود أبو ريَّة" في كتابه الذي أسماه "أضواء على السنَّة المحمدية"، وردَّ عليه الشيخ العلَّامة: عبد الرحمن بن يحيى المعلِّمي في كتابه "الأنوار الكاشفة"، وقال: وقع إليَّ كتاب جمعه أبو رية، فطالعته وتدبرته، فوجدته جمعًا وترتيبًا وتكميلاً للمطاعن في السنة النبويَّة، والجواب عن الطعن في هذا الحديث نلخِّصها في الفقرات التالية:

أولًا: الحديث الذي معنا من الأحاديث التي انتقاها واختارها الإمام البخاري لصحتها ووضعها في صحيحه، وحسبك بهذا الإمام الجليل وبكتابه الذي أجمعَتِ الأمَّةُ على قبوله فتلقته بالقبول والرضا، والاعتمادِ والعملِ بما فيه.

ثانيًا: حديث الذباب لم ينفردْ بروايته أبو هريرة، وإنَّما رواه أيضًا أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك؛ كما جاء ذلك في مسند الإمام أحمد (٣/ ٢٤).

ثالثًا: من هو الذي يتطاول حتَّى ينال من طرف صحابي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتَّى يصل إلى أحفظهم لأحاديث رسوله، وأكثرهم لها نقلاً، الذي دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحفظ وبطء النسيان، والذي فرَّغ نفسه لحفظ الحديث؛ فلا زراعةَ تشغله، ولا تجارةَ تلهيه، وإنَّما ليله ونهاره يتابع ما يلفظ به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحكمة، ثُمَّ يَسْهَرُ عليها ليله لحفظها، ويثبِّتها في قلبه.

رابعًا: قال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلِّمي: علماء الطبيعة يعترفون بأنَّهم لم يحيطوا بكلِّ شيءٍ علمًا، ولا يزالون يكتشفون الشيء بعد الشيء، فبأي إيمان ينفي أبو رية وأضرابُهُ أنْ يكون الله تعالى أطلع رسوله -صلى الله عليه وسلم- على أمرٍ لم يصل إليه علم الطبيعة بعد، هذا وخالق الطبيعة ومدبِّرها هو واضعُ الشريعة.

خامسًا: أثبت الأطباء الحديثون أنَّ في أحد جناحي الذباب داءً، وفي الآخر شفاءً، وبهذا -والحمد لله- وضح الحقُّ؛ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (٨٧)} [النساء].

<<  <  ج: ص:  >  >>