٣ - في الحديث إثبات الجزاء في الآخرة، وإثبات عذاب النَّار يوم القيامة؛ وهو أمرٌ واجب الاعتقاد معلومٌ من الدِّين بالضرورة.
٤ - وفيه أنَّ الجزاء يكون موافقًا للعمل؛ فهذا الذي أتبع نفسه هواها، وتمتَّع بالشرب بإناء الفضة، سيتجرَّع عذاب جهنَّم، مع تلك المواضع من بدنه التي تمتعت واستلذت بالمعصية في الدُّنيا؛ وهكذا فالجزاء من جنس العمل.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء في العلَّة التي من أجلها حرِّم استعمال الذهب والفضَّة: فقال بعضهم: هي الخيلاء، وكسر قلوب الفقراء.
وقال بعضهم: هو هدفٌ تربويٌّ أخلاقيٌّ؛ فإنَّ الإِسلام يصون المسلم عن الانحلال والترف المُفْسِدَيْنِ.
وقال بعضهم: العلَّة هي كونهما نقدين؛ فالذهب والفضة هما الرصيد العالمي للنَّقد، الذي تقوم به الأشياء، وتحصل به المطالب والضرورات والحاجات؛ فاتخاذهما واستعمالهما أواني أو تحفًا ونحو ذلك، هو شَلٌّ للحركة التجارية، وتعطيلٌ لقيم الحاجات والضرورات، بدون وجود مصلحة راجحة.
وقال ابن القيم: العلَّة في استعمالهما هي ما يكسب القلب من الهيئة والحالة المنافية للعبودية، منافاةً ظاهرة.
ولهذا علَّل -صلى الله عليه وسلم- بأنَّها للكفَّار في الدنيا؛ إذ ليس لهم نصيبٌ من العبودية التي ينالون بها الآخرة.
والله تعالى أعلم، فله في شرعه أسرارٌ وحِكَمٌ، ولا مانع أنَّ كلَّ هذه العلل مقصودة!!.