حين يسألهم أموالهم، فتصيبه الخدوش والندوب، المعنوية والحسية، فأما المعنوية فهو الذل والصَّغار أمام المسؤول، وأما الحسية فإنَّه يحدث بوجه السائل تقبض وتغير عند المسألة.
٢ - في الحديث تحريم المسألة مع الغنى بالمال الموجود، أو المقدور عليه بالكسب والصنعة، ونحو ذلك.
٣ - فيه استحباب العفة عن المسألة، والعفة عنها مع الحاجة إليها، وإيثار الصبر عنها.
٤ - في الحديث استثناء مسألة السلطان، وهو إمام المسلمين؛ فإنَّها جائزة لا إثم فيها، ولا دناءة، ذلك أنَّ السلطان هو أمين المسلمين على بيت مالهم، وكل مسلم له حق في بيت المال، فكأنَّ السائل حينما يسأل الإمام إنَّما يسأله من حقه، الذي هو أمين عليه.
٥ - يستحب ألا يكثر من سؤال السلطان، ويديم الطلب، لاسيَّما أهل العلم وأهل الفضل، ففي هذا إسقاط لوقارهم، وجلال العلم فيهم، وانهماك في جمع المال، والحرص عليه؛ لما جاء في البخاري أنَّ حكيم بن حزام قال:"سألتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إنَّ هذا المال خضرة حلوة، من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع. قال حكيم: والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا، فكان أبو بكر يدعوه إلى عطائه، فيأبى أن يأخذه، ودعاه عمر فأبى، فقال عمر: أشهدكم أني أدعو حكيمًا إلى عطائه، فيأبى أن يأخذه، فما سأل أحدًا شيئًا حتى فارق الدنيا".