للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له" [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما]، فهذا الحديث علق الحكم بالسبب، الذي هو الرؤية، وقد توجد في بلد كمكة والمدينة، ولا توجد في بلد آخر، فقد يكون زمانها نهارًا عند آخرين، فكيف يؤمرون بالصيام أو الإفطار، أفاده في بيان الأدلة في إثبات الأهلة، وقد قرر العلماء من كل المذاهب أنَّ اختلاف المطالع هو المعتبر عند كثيرة فقد روى ابن عبد البر الإجماع على ألا تراعى الرؤية فيما تباعد من البلدان كخراسان من الأندلس، أو لكل بلد حكم يخصه، وكثير من كتب أهل المذاهب الأربعة طافحة بذكر اعتبار اختلاف المطالع؛ للأدلة القائمة من الشريعة بذلك، وتطالعك الكتب الفقهية بما يشفي الغليل.

وأما عقلاً: فاختلاف المطالع لا اختلاف لأحد من العلماء فيه؛ لأنَّه من الأمور المشاهدة التي يحكم بها العقل، فقد توافق الشرع والعقل على ذلك، فهما متفقان على بناء كثير من الأحكام على ذلك، التي منها أوقات الصلاة، ومراجعة الواقع تطالعنا بأنَّ اختلاف المطالع من الأمور الواقعية، وعلى ضوء ذلك، قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي أنَّه لا حاجة إلى الدعوة إلى توحيد الأهلة، والأعياد في العالم الإسلامي؛ لأنَّ توحيدها لا يكفل وحدتهم، كما يتوهمه كثير من المقترحين لتوحيد الأهلة والأعياد، وأن تترك قضية إثبات الهلال إلى دور الإفتاء والقضاء في الدول الإسلامية؛ لأنَّ ذلك أولى وأجدر بالمصلحة الإسلامية العامة، وأنَّ الذي يكفل توحيد الأمة وجمع كلمتها هو اتفاقهم على العمل بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، في جميع شؤونهم، والله ولي التوفيق.

وصلى الله على نبينا محمَّد وآله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>