للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يزول، ثم إذا زال بادر بأداء الفريضة، إذا كان لا يزال مستطيعًا.

٨ - فيه دليل على أنَّ الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا من كتاب الله معاني أسماء الله وصفاته، وأنهم لم يمروها ألفاظًا كما نزلت من دون معرفة لها، لأنَّها نزلت بلسانهم، فعرفوا معنى الاستواء والنزول، وفهموا معنى الرحمة، والغضب، والعجب، والمحبة، وجميع الصفات الذاتية والفعلية، ومما علموا أنَّ مَرَدَّ علمه إلى الله تعالى -وهو كيفية الصفة- فقد سكتوا عنه.

ولو كانوا لم يعلموا ذلك ما سكتوا عن السؤال عنه، وهم يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- عما هو أقل أهمية في الدين من ذلك، وهو معنى السبيل في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ففي هذا رد على طوائف المعتزلة والجهمية، وأضرابهم.

١٠ - أنَّ الله تبارك وتعالى جعل الحج على: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فالفقير لا ينبغي أن يكلف نفسه ويشق عليها، وربَّما ضرَّ بحجه نفقة واجبة عليه، أو دينًا واجبًا عليه أداؤه، فيقدم ما لم يجب عليه على الواجب عليه، والله تعالى يقول: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١].

١١ - قال الفقهاء: والقادر مَنْ وجد زادًا وراحلة صالحين لمثله بعد قضاء الواجبات من الديون الحالَّة والمؤجلة، والزكوات، والكفارات، والنذور، وبعض النفقات الشرعية له ولأهله، إلى أن يعود بلا خوف.

* فائدة:

قال شيخ الإسلام: من اغتصب مركوبًا، أو اشتراه بمال مغصوب، وحج عليه فإنَّه يجب عليه أن يعوض صاحبه إذا أمكن، وإلاَّ تصدَّق بقدر قيمة الثمن عنه، وقد طاب حجه، وينبغي أن يعد لحجه وعمرته نفقة طيبة من حلال، لما صحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "إنَّ الله طيبب لا يقبل إلاَّ طيباً" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٦٨٦)].

<<  <  ج: ص:  >  >>