للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل قال المحب الطبري: "ما أعلم أحدًا ما جعل مكة ميقاتًا للعمرة".

قلت: إِلا أنَّ الصنعاني جعله قولًا له، ونصره بما لا ينهض فيه دليل؛ فإنَّ مفهوم هذا الحديث لا يقاوم صريح أمره عائشة بالخروج لعمرتها إلى التنعيم في ذلك الوقت الضيق، وكذلك عضده آثار قوية، وعمل المسلمين جميعًا في القديم، والحديث على هذا.

٥ - مفهوم قوله "ممن أراد الحج أو العمرة" إنَّ من أراد دخول مكة لغير حج أو عمرة، بل لتجارة أو غيرها، فلا يجب عليه الإحرام، وفي المسألة خلاف يأتي إن شاء الله.

٦ - جَعْل كل أهل جهة لهم ميقات في طريقهم إلى مكة من رحمة الله بخلقه، وتسهيل شرعه لهم، فلو كان الميقات واحدًا، لشقَّ على مريدي النسك.

٧ - تحديد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المواقيت من معجزات نبوته، فإنَّه حددها قبل إسلام أهلها، إشعارًا منه بأنهم سيسلمون. ويحجون، ويحرمون منها، وقد كان ولله الحمد والمنة.

٨ - تعظيم هذا البيت وتشريفه بجعل هذا الحمى، الذي لا يتجاوزه حاج، أو معتمر حتى يأتي بهذه الهيئة، خاشعًا لله تعالى، معظِّمًا لشعائره ومحارمه.

٩ - أنَّ ذات عِرق مَهل أهل المشرق، ومن جاء معه، قال الإمام الشافعي في "الأم": "أجمع عليه الناس".

١٠ - فقه عمر -رضي الله عنه-، فإنَّه وقَّت ذات عرق، والنص فيها لم يبلغه، فجاء على وفق توقيته، وليس غريبًا عليه، فله موافقات كثيرة معروفة.

١١ - سبب توقيت عمر ذات عِرق لأهل الشرق، أنه لمَّا تأسست البصرة والكوفة، وكان قرن المنازل في الشرق الجنوبي، وطريق أهل البصرة والكوفة في الشرق الشمالي، شقَّ عليهم الإحرام منه، فجاءوا، فقالوا لعمر: "إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدَّ لأهل نجد قرنًا، وإنه جَور عن طريقنا، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>