العمدة في المعالجات النفسية، وإنَّما يحصل هذا التنبيه بمراكز في صميم طبائعهم وجذور نفوسهم.
وتقتصر الطهارة الصغرى على غسل الأطراف التي جرت العادة بانكشافها وخروجِهَا من اللباس، فتسرع إليها الأوساخ، كما جرت العادة بنظافتها عند الأعمال النظيفة، وعند الدخول على الكبراء، وتقابُلِ النَّاس بعضهم ببعض.
كما أنَّ غسل هذه الأعضاء الأربعة فيه تنبيه للنَّفس من النوم والكسل.
قال شيخ الإِسلام: جاءت السنَّة باجتناب الخبائث الجسمانية والتطهُّر منها، وكذلك جاءت باجتناب الخبائث الروحانية والتطهُّر منها؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحدكم من منامه، فليستنثر ثلاثًا؛ فإنَّ الشيطان يبيت على خيشومه"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم من نوم الليل، فلا يغمس يده حتَّى يغسلها ثلاثًا؛ فإنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يده"؛ فعلَّل الأمر بالاستنشاق بمبيت الشيطان على خيشومه؛ فعلم أنَّ ذلك سبب الطهارة من غير النجاسة الظاهرة.
والوضوء من أهم شروط الصلاة؛ لما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا:"إنَّ الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتَّى يتوضأ"، ولما روى مسلم:"الوضوء شطر الإيمان"، ونزلت فريضته من السماء في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الآية.
واختلف العلماء هل فرض في مكَّة أو في المدينة؟ والمحققون: على أنَّه فرض بالمدينة؛ لعدم النص النَّاهض على خلافه.
قال شيخ الإسلام: الوضوء من خصائص هذه الأمَّة؛ كما جاءت به الأحاديث الصحيحة:"إنَّهم يُبْعَثُون يوم القِيامَةِ غُرًّا محجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوضوء"، وأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف أمته بهذه السيماء؛ فدلَّ على أنَّه لا يشاركهم فيها غيرهم. وأمَّا ما رواه ابن ماجه:"أنَّ جبريل علَّم النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الوضوء" زاد عليه أحمد وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي"، فضعيفٌ لا يحتج به.