للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاجةٌ إليها، وليس على مالك المنفعة مضرةٌ كبيرةٌ في بذلها، فحينئذٍ يجب بذلها، ويحرم منعها، قياساً على التي قبلها.

* خلاف العلماء:

أجمع العلماء على المنع من وضع الخشب على جدار الجار مع وجود الضرر إلاَّ بإذنه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار".

واختلفوا فيما إذا لم يكن على صاحب الجدار ضرر، وكان بصاحب الخشب حاجة إلى وضعها، وذلك بأن لا يمكنه التسقيف إلاَّ بالوضع على جداره.

فذهب الأئمة الثلاثة إلى أنَّه لا يجوز، مستدلين بأصل المنع؛ لحديث: "لا يحل مال امريء مسلم، إلاَّ بطيبةٍ من نفسه"، وحديث: "أموالكم عليكم حرام" رواه مسلم (١٢١٨)، ونحو ذلك من الأدلة.

وذهب الإمام أحمد وإسحاق وأهل الحديث إلى وجوب بذل الجدار لصاحب الخشب، مع حاجة الجار إليه، وقلة الضرر على صاحب الجدار، وأنَّ على الحاكم إجباره بطلب صاحب الخشب، إذا امتنع من ذلك.

الدليل على ذلك:

١ - ظاهر الحديث الذي معنا، فإنَّه ورد بصيغة النَّهي المؤكد، والنَّهي يقتضي التحريم، وإذا كان حراماً فإنَّ البذل واجب.

٢ - أبو هريرة راوي الحديث استنكر عدم الأخذ بهذه السنة، وتوعَّد على تركها، والإعراض عنها.

وهذا يقتضي فهمه لوجوب البذل، وتحريم المنع، وراوي الحديث أعرف بمعناه.

٣ - ورد مثل هذه القضية في زمن عمر بن الخطاب، فقد روى مالك بسند صحيح أنَّ الضحاك بن خليفة سأل محمَّد بن مسلمة أن يجري خليجًا له في

<<  <  ج: ص:  >  >>