للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفرق بينهما أنَّ المضمونة هي التي تضمن إن تلفت، وأما المؤداة فهي التي لا يجب أداؤها، إلاَّ مع بقاء عينها، فإن تلفت لم تضمن بالقيمة، وسيأتي خلافها إن شاء الله تعالى.

١٤ - استعار النبي -صلى الله عليه وسلم- من صفوان بن أمية أدرعة وهو كافر، وهذا لا يعارض الحديث الآخر: "ارجع فلن أستعين بمشرك".

لأنَّ المنهي عنه هو الاستعانة بذواتهم التي يخشى منها الخيانة، لاسيَّما في مأزق الحرب.

أمَّا المعاملات المالية: من بيع، وشراءٍ، وإجارةٍ، واستعارةٍ، فلا تدخل فيها.

١٥ - عدل النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وصفْحه وحِلمه، وإلاَّ فصفوان لا يزال حين استعار الأدرع منه على الشرك، وهو ممَّن استولى عليه عنوة، ومع هذا عفَّ عن الاستيلاء على أدراعه، وأخبره أنَّها عارية مضمونة إن تلفت، ولذا فإنَّه لما ضاع بعضها أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضمنها لصفوان، ولكن صفوان قد أسلم فتركها برضاه.

١٦ - فقهاء الحنابلة يجعلون مؤنة الدابة المعارة على المالك، لكن قال شيخ الإسلام: قياس المذهب أنَّها تجب على المستعير، قلتُ: ووجه القياس وجوب أداء العارية، ولا يمكن أداؤها إلاَّ بمؤنتها.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الصواب أنَّ مؤنة الدابة المستعارة على من استعارها، وهذا هو العرف الجاري.

١٧ - جواز التوكيل في الاستعارة، وقبضها من المعير.

١٨ - حسن أدب الإسلام، وأنَّه دين السلام والوئام، فإنه يمنع من الخيانة حتى مع من خان، فلم يبح مقابلته بمثل عمله من الخيانة، وإنما يدعو الإسلام إلى الصبر والمسالمة، فالإسلام يبيح للمظلوم أن يقتص بقدر حقه؛ لأنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>