١١ - الشفعة حق واجب للشفيع، والحقوق لا يجوز التحيل لإسقاطها، فمن أسقطها بطرق كاذبة، وتمويهات باطلة، فقد ظلم نفسه بارتكاب المعصية، وظلم الشفيع لحرمانه من حقه الذي أوجبه الله تعالى له، وتعدى على حدود الله تعالي التي شرعها لعباده، فأسقطها بأدنى الحيل.
قال الإمام أحمد: يحرم التحيل لإسقاط الشفعة، ولإبطال حق مسلم.
وقال شيخ الإسلام: الاحتيال على إسقاط الشفعة بعد وجوبها لا يجوز باتفاق العلماء.
وإنما اختلف الناس في الاحتيال عليها قبل وجوبها، وهو ما إذا أراد المالك بيع الشقص المشفوع، والراجح أنَّه لا يجوز الاحتيال على إسقاط حق مسلم، وما وجد من التصرفات لأجل الاحتيال المحرَّم فهي باطلة.
١٢ - فيه حسن أدب المشاركة، وهو أنَّ الشريك إذا أراد أن يبيع نصيبه، فيحسن أن يعرضه على شريكه، فإن رغب شراءه فهو أحق به من غيره؛ لحق الشراكة والجوار والصحبة بين الشريكين، ويزيل عن أخيه وشريكه عناء الشفعة.
* خلاف العلماء:
أجمع العلماء على ثبوت الشفعة في العقارات التي تقسم "قسمة إجبار"، وهو العقار الواسع الذي لا تمييز بين أجزائه فلا ضرر في قسمته، ولا رد عوض من أحد الشريكين أو الشركاء على الآخر، فهذا تثبت فيه الشفعة بالإجماع.
واختلفوا في الدار الصغيرة، والحمام، والحانوت، ممَّا مساحته قليلة، ولا تجب قسمته قسمة إجبار.
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد عدم جواز الشفعة فيها، لما روى أبو عبيد في الغريب أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا شُفعة في فِناء، ولا طريق، ولا منقبة".