وتلذذٍ وتمتع، وإنَّما هو أشعث، أغبر، مشتغلٌ بطاعة الله عن الترفه والتنعم.
٢ - وإنَّ من أبلغ أنواع التنعم هو مقاربة النساء، والتمتع بهنَّ، لذا حُرِّم على المُحرِم أن يتزوَّج بنفسه، أو يزوِّج موليته، أو يخطب مجرد خِطبة لنفسه؛ لأنَّه وسيلة إلى التمتع بالنساء، وإذا حرِّمت الغاية وهو الجِماع، حرمت الوسيلة وهي العقد والخِطبة.
٣ - فإن عقد المحرِم لنفسه، أو عقد لموليته، حرم ذلك، ولم يصح النكاح؛ لأنَّ النَّهي يقتضي التحريم والفساد.
قال الوزير: أجمعوا على أنَّ المحرِم لا يعقد عقد نكاح لنفسه ولا لغيره، سواء تعمَّد أو لا؛ لصريح الخبر، ولأنَّ الإحرام يمنع الوطء ودواعيه، فمنع صحة عقده؛ فيقع فاسدًا.
قال فقهاؤنا: ويحرم على المحرم عقد النكاح، فلو تزوج المحرم، أو زوَّج مُحْرمة، أو غير محرِمة، أو كان وليًّا، أو وكيلًا في النكاح، حرم ولم يصح، وهو مذهب الأئمة الثلاثة؛ مالك والشافعي وأحمد.
٤ - أما ما جاء في الحديث رقم:(٨٥٨) من أنَّه -صلى الله عليه وسلم- تزوَّج ميمونة وهو محرِم، فقال الأئمة: إنَّ هذا وهم من ابن عباس -رضي الله عنهما-.
قال أبو رافع:"كنتُ السفير بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وميمونة، فتزوَّجها وهو حلال، وبنى بها حلالًا" وذكر بعضهم أنَّ القصة متواترة.
وقال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنَّه -صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتَّى، وحديث ابن عباس صحيح الإسناد، ولكن الوهم إلى الواحد أقرب من الوهم إلى الجماعة.
قال الإمام أحمد: قال ابن المسيب: وهم ابن عباس، فميمونة تقول:"تزوجني وهو حلال".
وقال الألباني: اتفاق الصحابة على العمل بحديث عثمان، ممَّا يؤيد