ولا يُشترَط بلوغ الزوج الثاني، ما دام إنَّه يجامع مثله، وهو ابن عشر سنين.
٧ - قال ابن القيم: شريعتنا أجمل الشرائع، وأقوم بمصالح العباد، فله أن يعاف زوجته، فإن تاقت نفسه إليها وجد السبيل إلى ردها، فإذا طلَّقها الثالثة لم يبق له عليها سبيل، إلاَّ بعد نكاح زوجٍ ثانٍ، نكاح رغبة، فإباحتها بعد الزوج الآخر من أعظم النعم.
٨ - قال الرازي: الحكمة في إثبات حق الرجعة أنَّ الإنسان ما دام يكون مع صاحبه، لا يدري أنَّه هل يشق عليه مفارقته أو لا؟ فإذا فارقه فعند ذلك يظهر، فلو جعل الله الطلقة الواحدة مانعة من الرجوع لعَظُمت المشقة على الإنسان بتقدير أن تظهر المحبة بعد المفارقة.
ثمَّ لما كان كمال التجربة لا يحل بالمرة الواحدة، فلا جرم أثبت تعالى حق المراجعة بعد المفارقة مرَّتين، وبعد ذلك فقد جرَّب الإنسان نفسه في تلك المفارقة، وعرف حال قلبه في ذلك الباب، فإن كان الأصلح إمساكها راجعها وأمسكها بالمعروف، وإن كان الأصلح له تسريحها سرَّحها على أحسن الوجوه، وهذا التدريج والترتيب يدل على كمال رحمته ورأفته بعباده.
٩ - وقال سيد قطب: إنَّ الطلقة الأولى محكٌّ وتجربة، فأما الثانية فهي تجربةٌ أخرى، فإن صَلُحت الحياة بعدهما فذاك، وإلاَّ فالطلقة الثالثة دليلٌ على فسادٍ أصيلٍ في حياة الزوجية، لا تصلح معه حياة، فيحسن أن ينصرف كلاهما إلى التماس شريكٍ جديد.
فإن طلَّقها الزوج الآخر فلا جناح عليهما أن يتراجعا، ولكن بشرط:{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}[البقرة: ٢٣٠].
فليسا متروكين لشهواتهما ونزواتهما، في تجمعٍ أو تفرق، وإنما هي حدود الله تقام بينهما.