الحديث الذي قبلهما، من حيث اعتبار الكفاءة في النسب، ومن حيث الكفاءة في المهنة:
فأسامة بن زيد الذي كان أصله عربيًّا، إلاَّ أنَّ الرق قد مس أباه، وهو يسري عليه؛ لأنَّه لُحمة كلُحمة النسب، قد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة بنت قيس القرشية إحدى المهاجرات -مع فضلها، وجمالها، وشبابها، وكمال دينها، وعقلها- أن تنكح أسامة بن زيد المولى، مما يدل على عدم اعتبار الكفاءة في النسب، ولا فيما أصله الحريَّة، وأصله الرق.
٢ - والحديث رقم (٨٦٩) يدل على عدم اعتبار الكفاءة لا في النسب، ولا في المهنة.
ذلك أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر إحدى قبائل الأنصار، وهم القبيلة القحطانية الأزدية العربية أن يُنكِحُوا أبا هند، وهو من أحد موالي بني بياضة المذكورين، وكان مع ما مسَّه من الرق حجَّامًا، والحجامة عند العرب صناعة دنيئة.
٣ - فهذان الحديثان يدلان على عدم اعتبار الكفاءة في النسب أو المهنة، وتدل النصوص الأخر على اعتبار الكفاءة في الدين والخلق.
قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]، وقال تعالى:{بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ}[المائدة: ١٨].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، كلهم لآدم، وآدم من تراب".
والأحاديث في هذه المسألة كثيرة.
٤ - وهذا لا ينافي ما تقدَّم في المقدمة من بيان فضل العرب، وميزاتهم، وخصائصهم، وما جَبَلَهم الله تعالى وهيَّأهم له.
فتلك أمور خُصُّوا بها، وامتازوا بها، وفَضَلُوا غيرهم بها، ولكنَّها لا