للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باحتمالهن، والصبر عليهنَّ ولذا قال: "فإن ذهبتَ تقيمُهَا، كسرتها، وكسرها طلاقها، وإن استمتعت؛ بها استمعت بها على عِوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا".

فهذا الوصف الرائع، والتصوير البارع، والوصية الكريمة منه -صلى الله عليه وسلم-، يحدِّد موقف الرجل من زوجته، فيسلك معها سبيل الحكمة، والرحمة، والبر، والإحسان.

والمراد بخلقها من الضِلع، يعني: خلق أُمنا حواء من ضِلع آدم، عليهما السلام.

٥ - إذا تدبرنا أحكام الإِسلام الرشيدة، وآدابه السامية، ووصاياه الكريمة، وجدنا من صفاته الكريمة الإيثار، فهو يشعر النفس بحبِّ الخير للإنسانية كلها، لاسيَّما أصحاب الحقوق من مسلمٍ، وقريبٍ، وجارٍ، وغيرهم ممَّن تربطهم بالإنسان علاقةٌ وصلةٌ، وهذا الإيثار له أكبر الأثر في توثيق المحبة بين أفراد المجتمع، وجعلهم متعاطفين متعاونين، بِعَكس الأثرة، وحب النفس، والأنانية، فإنَّها تجعل صاحبها مكروهًا، منبوذًا من المجتمع؛ لأنَّه لا يرغب أن يؤدي حق غيره.

فمن أهم مكتشفات علم النفس الحديث: ما ثبت من أنَّ سعادة الإنسان لن تأتي بغير تضحية في سبيل الغير، قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر].

وما أجمل الإيثار وأحسنه إذا كان فيمن لا تطمع منه في مكافأة، ولا ترجو منه جزاء ولا شكورًا، من امرأة ضعيفة أو يتيم فاقد لراعيه وواليه، فالإِسلام دائمًا يوصينا بهؤلاء وأمثالهم ممن ليس لهم حول ولا طَوْل، فالموفَّق البار بنفسه وبإخوانه لا تفوته هذه المواقف الكريمة من الإحسان، والمفرِّط المهمل هو من فاتته الفرص، وضاعت منه الغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>