للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكلماتٍ ثلاثٍ، لم يتخللها رجعةٌ ولا نكاحٌ، فهل تلزمه الطلقات الثلاث، فلا تحل له زوجته إلاَّ بعد أن تنكح زوجًا غيره، وتعتد منه، أم أنها تكون طلقة واحدة، له رجعتها ما دامت في العدة، وبعد العدة يعقد عليها، ولو لم تنكح زوجًا غيره؟:

اختلف العلماء في ذلك اختلافًا طويلاً عريضًا، وعُذِّب من أجل القول بالرجعة بها جماعة من الأئمة والعلماء، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض أتباعه.

ولكننا نسوق هنا ملخصًا فيه الكفاية، إن شاء الله تعالى:

ذهب جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الأربعة- وجمهور الصحابة والتابعين: إلى وقوع الطلاق الثلاث بكلمةٍ واحدةٍ، إذا قال: "أنت طالق ثلاثًا" ونحوه، أو بكلمات ولو لم يكن بينهن رجعة ولا نكاح.

ودليلهم: حديث ركانة بن عبد الله "أنه طلَّق امرأته ألبتة"؛ فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك؟ فقال له: "والله ما أردت إلاَّ واحدة؟ ".

وهذا الحديث أخرجه الشافعي، وأبو داود، والترمذي، وصححه ابن حبَّان، والحاكم.

ووجه الدلالة من الحديث: استحلافه -صلى الله عليه وسلم- للمطلق أنه لم يرد بـ "ألبتة" إلاَّ واحدة، فدل على أنه لو أراد بها أكثر، لوقع ما أراده.

واستدلوا أيضًا بما في صحيح البخاري عن عائشة: "أن رجلاً طلَّق امرأته ثلاثًا، فتزوجت، فطلقت، فسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتحل للأول؛ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول"، ولو لم تقع الثلاث، لم يمنع رجوعها إلى الأول إلاَّ بعد ذوق الثاني عسيلتها.

واستدلوا أيضًا بعمل الصحابة، ومنهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على إيقاع الثلاث بكلمةٍ واحدةٍ ثلاثًا، كما نطق بها المطلَّق، وكفى بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>