للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُكَفِّر عن يمينه؛ لما جاء في الصحيحين، من حديث عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها، فكفِّر عن يمينك، وأْتِ الذي هو خير".

٤ - شارح هذا الكتاب صحح القول بأن تحريم الزوجة أو غيرها من المباحات لغوٌ، لا حكم له في شيء من الأشياء؛ والحجة على ذلك: أن التحريم والتحليل إلى الله تعالى؛ قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦]، وقال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]؛ فلا فرق بين تحليل الحرام، وتحريم الحلال، فلما كان الأول باطلاً، فليكن الثاني باطلاً، ونظرنا إلى ما سوى هذا القول، فوجدنا أقوالاً مضطربة، لا برهان عليها من الله، وهذا القول يدل عليه حديث ابن عباس، أمَّا الكفارة فهي لليمين، لا لمجرد التحريم.

* خلاف العلماء:

اختلف العلماء في الرجل يقول لزوجته: "أنت عليَّ حرام" إلى ثمانية عشر قولاً، وأقرب هذه الأقوال، أقوالٌ ثلاثة هي:

أحدها: أنها يمين مكفرة؛ وهذا مذهب الأئمة الثلاثة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وبه قال أبو بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة.

الثاني: أنه حسب نية المتكلم من طلاقٍ، أو ظِهارٍ، أو يمينٍ؛ وهذا قول لأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، واختاره جماعة من الحنابلة.

الثالث: أنه ظهارٌ، فيه كفارة الظهار؛ وهذا هو المشهور من مذهب أحمد، وإسحاق، وجماعة من التابعين.

قال القرطبي: وسبب الاختلاف أنه ليس في الكتاب والسنَّة نصٌّ يعتمد عليه، فتجاذبها العلماء لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>