وقد صحَّح الحديثَ بالكتاب المذكور جماعةٌ من الأئمة، لا من حيث الإسناد، لكنْ من حيث الشهرة:
فقال الشَّافعي: لم يقبلوا هذا الحديث حتَّى ثبت عندهم أنَّه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَقال ابن عبد البر: هذا كتابٌ مشهورٌ عند أهل السير، معروفٌ ما فيه عند أهل العلم، معرفةً يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنَّه أشبه التواتُرَ في مجيئه، لتلقِّي النَّاس له بالقَبُولِ والمعرفة.
وَقال العُقَيْليّ: هذا حديثٌ ثابتٌ محفوظٌ إلاَّ ألا نَرَى أَنَّه كتابٌ غير مسموعٍ عمَّن فوق الزهري.
وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصحَّ من كتاب عمرو بن حزم هذا؛ فإنَّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتَّابعين يرجعون إليه وَيَدَعُونَ رأيهم.
وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمامُ عصره الزهريُّ لهذا الكتاب بالصحة.
* مفردات الحديث:
- إلاَّ طاهر: الطَّاهر لفظ مشترك، يطلَقُ على الطَّاهر من الحَدَثِ الأكبر، ويطلق على الطَّاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على مَنْ لبس على بدنه نجاسة، والرَّاجحُ أنَّ المراد هُنا: الطَّاهر من الحدث الأصغر؛ كما سيأتي تحقيقه في الكلام على فقه الحديث، إنْ شاء الله تعالى.
- القرآن: مصدر مرادف للقراءة، ثُمَّ نُقَلِ، فجعل اسمًا للكلامِ المُعْجزِ المنزَّلِ على النَّبيِّ محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ من باب إطلاق المصدر على مفعوله.
* ما يؤخذ من الحديث:
١ - عمرو بن حزم الأنصاريُّ حينما بعثه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلى نَجْرَانَ، ليفقَّههم في الدِّين كتب له هذا الكتاب العظيم، الذي جمع كثيرًا من السنن، وتلقَّته الأمَّة بالقبول.