-رضي الله عنه-: "أنَّ النبَّي -صلى الله عليه وسلم- لا يحجزه شيءٌ عن القرآن ليس الجنابة".
(د) أنَّ المراد بالطَّاهر المتوضِّىءُ؛ لما روى البخاري (٦٩٥٤)، ومسلم (٢٥٥) أَنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةَ أحَدِكُمْ إذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَؤَضَّأ".
كل هذه المعاني للطهارة في الشَّرع محتملَةٌ في المراد من هذا الحديث، وليس لدينا مرجِّح لأحدها على الآخر، فالأولى حَمْلُهَا على أدنى محاملها، وهو المُحْدِثُ حدثًا أصغر؛ فإنَّه المتيقن، وهو موافق لما ذهب إليه الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة وأتباعهم.
وهذا لا يعطي المسألة دليلاً قاطعًا على تحريم مَسِّ المصحف للمحدث؛ لأنَّ الشك في صِحَّته موجود، ولكن الاحتياط والأولى هو ذاك.
قال ابن رشد: السبَبُ في اختلافهم تردُّد مفهوم قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} [الواقعة]، بين أنْ يكون {الْمُطَهَّرُونَ} هم بنو آدم، وبين أنْ يكونوا هم الملائكة، وبين أنْ يكون هذا الخبر مفهومه النَّهْي، وبين أنْ يكون خبرًا لا نهيًا.
فمن فهم من {المطهرون} بني آدم، وفهم من الخبر النَّهي، قال: لا يجوز أنْ يَمَسَّ المصحفَ إلاَّ طاهر.
ومن فهم منه الخبَرَ فقطْ، وفهم من لفظ {المطهرون} الملائكة، فال: إنَّه ليس في الآية دليلٌ على اشتراط هذه الطهارة لِمَسِّ المصحف، وإذًا فلا دليلَ من كتابٍ ولا سنَّةٍ ثابتةٍ على قولِ مَنْ لا يرى قبولَ الحديث.
٧ - في الحديث تعظيمُ القرآن، وأنَّه يجبُ احترامه، فلا يجوزُ مَسُّ المصحف بنجاسة، ولا يُجْعَلُ في مكانٍ لا يليق؛ إمَّا لنجاستِهِ، وإمَّا بجانب صور، أو تعلق آياته بجانب صورٍ، أو يُتْلَى في مكانِ لهوٍ أو عند الأغاني، أو عند أحدٍ يشرب الدخان، أو في مكان لغطٍ وأصواتٍ، ونحو ذلك ممَّا يعرِّض كتاب الله تعالى للإهانة.