للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنا، وحد الشرب، وحد السرقة، وفد جاء في الحديث التصحيح: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لأسامة بن زيد: "أتشفع في حدٍّ من حدود الله"؟! يريد بذلك حد السّرقة، فهذه يجب الوقوف عند ما قُدِّر فيها، بلا زيادة ولا نقصان.

ويَحْسُنُ بنا أن نوردَ في هذه المقدمة هذا الحديث العظيم؛ فقد روى الدارقطني وغيره: "عن أبي ثعلبة الخُشني -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "إنَّ الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرَّم حرمات فلا تنتهكوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها"، حسَّنه النووي.

قال السمعاني: هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين وفروعه، منْ عمل به فأدى الفرائض، واجتنب المحارم، ووقف عند الحدود، وترك البحث عمَّا غاب عنه -فقد استوفى أقسام الفضل، ووفَّى حقوق الدين.

وقال بعضهم: جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين في أربع كلمات، وذكر الحديث.

والحدود الرادعة ثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع العلماء في الجملة، ويقتضيها القياس التصحيح، فهي جزاء لما انتهكه العاصي من محارم الله تعالى.

* حكمتها التشريعية:

لها حِكم جليلة، ومعانٍ سامية، وأهداف كريمة.

ولذا يجب إقامتها لداعي التأديب والتطهير والمعالجة، لا لغرض التشفِّي والانتقام؛ لتحصل البركة والمصلحة، فهي نعمة من الله تعالى كبيرة على خلقه، فهي للمحدود طُهرة عن إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي، وهي له ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي.

وهي مانعة وحاجزة من انتشار الشرور، والفساد في الأرض، وبإقامتها يصلح الكون، وتعمر به الأرض، ويسود الهدوء والسكون، وتتم النعمة، بانقماع أهل الشر والفساد، وبتركها -والعياذ بالله- ينتشر الشرّ، ويكثر الفساد،

<<  <  ج: ص:  >  >>