١ - أتى ماعز بن مالك الأسلمي -رضي الله عنه- إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد، فناداه، واعترف على نفسه بالزنا، فأعرض النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلَّه يرجع، فيتوب فيما بينه وبين ربه، ولكن قد جاء غاضبًا على نفسه، جازمًا على تطهيرها بالحد، فقصده من تلقاء وجهه مرَّة أخرى، فاعترف بالزنا أيضًا، فأعرض عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى شهد على نفسه بالزنا أربع مرات، حينئذٍ استثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حاله، فسأله: هل به من جنون؟ قال: لا، وسأل أهله عن عقله، فأثنوا عليه خيرًا، ثم سألة: هل هو محصن، أم بِكر لا يجب عليه الرجم؟ فأخبره أنَّه محصن، وسأله: لعلَّه لم يأت ما يوجب الحد، من لمس أو تقبيل، فصرح بحقيقة الزنا، فلما استثبت -صلى الله عليه وسلم- من كل ذلك، وتحقق من وجوب إقامة الحد، أمر أصحابه أن يذهبوا به فيرجموه، فخرجوا به إلى بقيع الغرقد، وهو مصلى الجنائز، فرجموه، فلما أحسَّ بحر الحجارة، طلبت النفس البشرية النجاة، ورغبت في الفرار من الموت، فهرب، فأدركوه بالحرة، فأجهزوا عليه حتى مات، رحمه الله، ورضي عنه.
٢ - أنَّ الزنا يثبت بالإقرار، كما يثبت بالشهادة، ويأتي: هل يكفي الإقرار مرَّة، أم لابد من الإقرار أربع مرات كما في هذا الحديث؟.
٣ - أنَّ المجنون لا يعتبر إقراره، ولا يثبت عليه الحد؛ لأنَّ شرط الحد التكليف؛ فقد جاء في بعض روايات هذا الحديث أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال له:"أبك جنون؟ قال: لا".
٤ - أنه يجب على القاضي والمفتي التثبت في الأحكام، والسؤال بالتفصيل عما يجب الاستفسار عنه، مما يغيِّر الحكم في المسألة؛ فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سأل المقر هنا عن عمله، حتى تبيَّن له أنَّه فعل حقيقة الزنا، وأعرض عنه لعله يرجع عن اعترافه, حتى كرر الإقرار، أربع مرات.