للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلكم مسؤول، فالإمام الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته".

وجاء في مسلم (١٤٢) من حديث معقل بن يسار قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، فلم يُحِطها بنصحه، إلاَّ لم يجد رائحة الجنة"؛ فمسؤولية ولاة الأمر كبيرة جدًّا، وأمرهم خطير.

٣ - إلاَّ أنَّ ظلم الولاة، وعدم إنصافهم، ووجود التقصير منهم، والأثرة على الرعية، لا يسوغ الخروج عليهم، ولا شقَّ عصا طاعتهم، ولا يبرز معاداتهم ومشاقتهم، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أنس أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسمعوا وأطيعوا، وإن اسْتُعْمِل عليكم عبد حبشي، كأنَّ رأسه زبيبة".

وجاء في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرةٍ علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله". وجاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّكم سترون بعدي أثرة، وأمورًا تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم".

فهذا هو موقف الرعية من الوالي، السمع والطاعة؛ لأنَّ الخروج على الولاة -ولو كانوا ظالمين- يحصل به من الشر، والفتن ما هو أعظم منه.

٤ - ألا يكون للأمة إمام يقودها، وإنما أمرها منفلت، وكلمتها مفرقة، أو يكون في كل قطر والٍ، فتحدث بينهم فتن، وتقوم بينهم حروب، فهذه هي الفتنة التي أشار إليها حديث الباب، والتي يجب الكف عنها، والقعود عنها، وعدم الدخول فيها، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من قُتل تحت راية عِمِّيَّة، يدعو لعصبيةٍ، أو ينصر لعصبية -فقِتلة جاهلية".

والعميَّة: فعيلة من: "العماء"، وهو الضلالة، نسأل الله العافية.

انتهى كتاب الحدود

<<  <  ج: ص:  >  >>