وأشاعوا أنَّ الإسلام لم ينتشر بالدعوة، وإنما انتشر بالقتال، وإكراه الناس عليه، فاضطر الغيورون من المسلمين إلى أن يعلنوا أنَّ الحروب في الإسلام لم تكن إلاَّ حروبًا دفاعية فقط، وأنَّه "لا إكراه في الدين"، وبهذا صار الفهم المبتدَع لحروب الإسلام، التي ترمي إلى نشر الدين، وإبلاغه للعالمين، وكسر الأسوار التي تحجب الحق عن أن يصل إلى أسماع الغافلين، المتعطشين إلى معرفة الحق من الشعوب المغلوبة على أمرها.
إنَّ الضرورة في المجتمع البشري قد تدعو إلى القتال؛ انتصارًا لحق المظلومين، ورفع حيف الطغاة عنهم؛ ليروا الحق والهداية، فيدينوا بالدين الذي يرتاحون إليه، وتؤمن به قلوبهم.
بعد هذا البيان لا يجد العقلاء المنصفون حاجة للاعتذار عن ركن الجهاد في سبيل الله بقتال الطغاة البغاة، الظلمة المستبدين، الذين يكرهون الناس على ما يريدون.
إنَّ قضية الجهاد في سبيل الله بالقتال لتأمين رسالة الدعوة، وحمايتها، وإقامة العدل -قضية حق رباني، وإنَّ غايته من أشرف الغايات، وأنبلها.
ومن عجيب المفارقات: أنَّ كثيرًا من الذين يشنعون على الإسلام في شأن هذا الواجب العظيم، يمارسون أقبح صور الإكراه في الدين، وأقبح صور التعصب ضد المسلمين، أو يستخدمون ضدهم كل وسائل العنف؛ لإلزامهم بأن يتركوا دينهم، وعقائدهم، ومفاهيمهم، ويوجهون ضدهم حروب إبادة جماعية، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
وللإسلام أعداء كثيرون، وأشد أعدائه المثلَّث، التي تلتقي أضلاعه بالشيوعية، والصهيونية، الممثلة بالمأسونية، والمنصِّرين، أبطل الله كيدهم، وأعلى كلمته، آمين" اهـ.