للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدار حرب، وهي ما يغلب فيها حكم الكفر؛ لأنَّ القيام بأمر الدين واجب، والهجرة من ضرورة الواجب، وما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب.

قال في "المنتهى": أو بلد بغاة، أو بِدع مضلة، كرفض واعتزال، فيخرج منها إلى دار أهل السنة وجوبًا، إن عجز عن إظهار مذهب أهل السنة فيها، إن قدر على الهجرة من أرض الكفر، وما ألحق بها؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨)} [النساء].

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ثم استثنى المستضعفين الذين لا قدرة لهم على الهجرة بوجه من الوجوه: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: ٩٩].

و"عسى" واجب وقوعها من الله تعالى، بمقتضى كرمه وإحسانه.

قال السيد رشيد رضا: ولا معنى عندي للخلاف في وجوب الهجرة من الأرض التي يمنع فيها المؤمن من العمل بدينه، أو يؤذى إيذاء لا يقدر على احتماله.

أما المقيم في دار الكافرين، ولكنه لا يمنع، ولا يؤذى إذا هو عمل بدينه، بل يمكنه أن يقيم جميع أحكامه، بلا نكير، فلا يجب عليه أن يهاجر.

٣ - قال شيخ الإسلام: الإقامة في كل موضع تكون الأسباب فيه أطوع لله تعالى ورسوله، وأفعل للحسنات والخير؛ بحيث يكون المسلم أعلم بذلك، وأقدر عليه، وأنشط له، أفضل من الإقامة في وضع حاله فيه دون ذلك، فالحكم على الإقامة أمر نسبي يتعلَّق بالشخص، ومن هنا كانت المرابطة في الثغور أفضل من المجاورة بالمساجد الثلاثة، قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>