للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنين.

ومنها: أنَّ من جاء من كفار قريش مسلمًا، رده النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ من جاء إليها من المسلمين، لم ترده قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، في شروط مذكورة في هذا الصلح المشهور.

فحلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إحرامهم، وعادوا بعد إبرام هذا الصلح، الذي وفَّى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ببنوده وشروطه، إلاَّ أنَّ قريشًا نقضته، فصار نقضه سبب فتح مكة المشرفة، ولله الحمد.

٢ - ففي القصة، والصلح الواقع فيها دليل جواز مهادنة الكفار، بوضع الحرب بينهم وبين المسلمين، ولا يعتبر هذا تعطيلاً للجهاد، وإنما هو تأجيل؛ نظرًا إلى مصلحة المسلمين العامة التي قد تقضي ذلك.

٣ - لذا فإنَّ هذه الموادعة، والهدنة تكون مؤقتة بمدة معلومة.

قال في "الروض المربع": والهدنة عقد الإمام أو نائبه على ترك القتال مدة معلومة، ولو طالت بقدر الحاجة.

٤ - قال الشيخ تقي الدين: يجوز عقدها مؤقتًا، والمؤقت لازم الطرفين، يجب الوفاء به ما لم ينقضه العدو، وإذا مات الإمام، أو عُزِل، لزم من بعده الوفاء بعقده.

٥ - يصح أن يكون من الشروط أنَّ من ارتد عن الإسلام، ولجأ إلى الكفار أنَّهم لا يردونه على المسلمين، وأنَّ من أسلم وجاء إلى المسلمين من الكفار يرد إليهم، والرضا بهذا الشرط الأخير إنما يكون عند الحاجة إليه، بظهور مصلحة الصلح للمسلمين.

٦ - الموافقة على هذا الشرط، وإن كان فيه غضاضة على المسلمين حسب الظاهر، لكن فيه خير أراده الله تعالى، فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بيَّنه ووضَّحه بقوله: "إنَّه من ذهب منَّا إليهم، فأبعده الله تعالى؛ لأنَّه مرتد عن الإسلام ولا خير

<<  <  ج: ص:  >  >>