٢ - الذبح بغير سكِّينٍ المترتب على تولي القضاء يشمل أمرين:
الأول: عذاب الآخرة لمن لم يقم بحق القضاء من التحري، والاجتهاد في إصابة الحق، ومعرفة الحكم الشرعي حسب الطاقة والقدرة.
الثاني: أنَّ معاناة القضاء من البحث، وطلب تصور القضية، ومعرفة حكمها، وطلب الدليل عليه، وإجهاد النَّفس بالاستقصاء بالوصول إلى الصواب أمر ينهك البدن ويضعفه، وربما أدَّى بالحياة إلى الفناء، وهذا ذبحٌ بغير سكِّين، وإنَّما بالمشكلات، والمتاعب البدنية والنفسية.
ولعلَّ في هذا إعجازاً علميًّا لم يكشفه إلاَّ الطب الحديث.
٣ - وفيه دليل على أنَّ في الذبح بالسكين والآلة الحادة راحةً للمذبوح، وكذلك وصَّت الشريعة بالحيوان المذبوح؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وليُحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" [رواه مسلم (١٩٥٥)].
وأمَّا الإماتة البطيئة فهي عذابٌ وعناءٌ، ومنه ما يعانيه القاضي من أعماله المرهقة، ونفسه المؤنبة حتَّى يقضي به الأمر إلى الموت، ثمَّ ما يعقبه من الحسرة والنَّدامة يوم القيامة؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد (٢٣٩٤٣) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليأتينَّ على القاضي العدلِ يوم القيامة يتمنَّى أنَّه لم يقض بين اثنين في عمره"، -وأخرجه البيهقي (١٠/ ٩٦) بلفظ: "في تمرة".