للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٢٠٦ - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لاَ يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١).

ــ

* مفردات الحديث:

- وهو غضبان: بلا تنوين، لأَنَّه ممنوعٌ من الصرف؛ للوصفية والألف والنون الزائدتين.

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - الغضب: هو استجابةٌ لانفعالٍ يغلي منه دم القلب؛ لطلب الانتقام.

وإذا وصلت الحال الغضبية بالقاضي إلى هذا الحد من الثورة، فإنَّه معرَّضٌ لأَن يميل في حكمه في حقِّ المغضوب عليه، ولا يتزن في الحكم على غيره، فمتى قويت نار الغضب، أعمته عن الحقِّ.

٢ - الحديث فيه النَّهي عن القضاء وهو غاضب؛ لأنَّ الغضب يخرجه عن دائرة العدل، وإصابة الحقِّ.

قال في الروض المربع وحاشيته: ويحرم القضاء وهو غضان كثيراً، لا يسيراً؛ فإنَّه لا يمنع فهم الحكم، لأنَّ الغضب يشوِّش عليه قلبه وذهنه، ويمنعه من كمال الفهم، ويحول بينه وبين استيفاء النظر، ويعمي عليه طريق العلم والقصد؛ فهو نوعٌ من الإغلاق.

٣ - فإنْ خالف وحكم فأصاب الحقَّ، نفذ حكمه؛ لموافقته الصواب.

قلت: أمَّا صحَّة الحكم مع الغضب، فمذهب جمهور العلماء، فإنَّه لا مناسبة بين الغضب، ومنع الحكم، وإنَّما ذلك مظنَّة لحصوله، وهو تشويشٌ


(١) البخاري (٧١٥٨)، مسلم (١٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>