١ - من ولاَّه الله تعالى أمراً من أمور المسلمين، فقد أصبح أجيرهم، والقائم بأمورهم، والمتولِّي على شؤونهم، ومثل هذا يجب عليه مقابلتهم، وسماع شكاويهم وحاجاتهم؛ ليقضي ما يتعيَّن عليه قضاؤه، ويوجِّههم إلى ما يحتاجون إليه من التوجيه.
٢ - أمَّا من يقفل دونهم بابه، أو يجعل له حُجَّاباً قساةً جفاةً، يمنعون أصحاب الحاجات من الوصول إليه، فهذا حرامٌ لا يجوز، فإنِ احتجب عنهم، فإنَّ الله تعالى يحتجب عن حاجته يوم القيامة، جزاءً وفاقاً؛ فالجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان.
٣ - قال في شرح الإقناع: ولا يتخذ القاضيَ في مجلس الحكم حاجباً، ولا بوَّاباً إلاَّ لعذرٍ؛ لأَنَّ الحاجب ربَّما قدَّم المؤخَّر، وأخَّر المتقدِّم؛ لغرض له، وليس له أنْ يحتجب إلاَّ في أوقات الاستراحة؛ لأَنَّهَا ليست وقتاً للحكومة، ويكون له من يرتَّب النَّاس إذا كثروا، فيكتب الأوَّل فالأوَّل.
٤ - فليحذر القاضي -وكل قائمٍ على عملٍ يتصل بجمهور النَّاس- من قرناء السوء، ومروِّجي الدعاوى باسمه، وبواسطة القرب منه؛ فإنَّهم يموِّهون على النَّاسِ أنَّ لهم تأثيراً على القضاة، وأصحاب الأعمال يدركون بها مطلوبهم، ليحذروهم، ولا يكن حوله إلاَّ من يتَّقي الله تعالى ويراقبه، من الأمناء أصحاب النفوس العفيفة، والضمائر الطيبة، والله ولي التوفيق.