- فإنْ أعطاه: الفاء تفسيرية، تفسِّر مبايعته للإمام من أجل الدنيا.
* ما يؤخذ من الحديث:
١ - الحديث فيه وعيدٌ شديدٌ، وتهديدٌ أكيد، وذلك بأنَّ الله لا يكلمُ هؤلاءِ الأصنافَ الثَّلاثةَ بما يحبُّونه ويتمنَّوْنَهُ، ولا ينظر إليهم نظر رحمة، ولا يطهِّرهم من ذنوبهم، ولا يزكِّيهم بالمغفرة.
هؤلاء الأصناف الثلاثة هم:
الأوَّل: رجلٌ نازلٌ بفلاةٍ على ماءٍ لا يوجد غير مائه في تلك الفلاة، فيمنع النَّاسَ من ذلك الماء، ليس لضرورته الخاصَّة به، وإنَّما ليحمي به كلأ تلك الأرض؛ ليختص به من دون بقية النَّاس، وقد جاء في البخاري (٢٢٢٧)، ومسلم (١٥٦٦) من حديث أبي هريرة عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تمنعوا فضل الماء؛ لتمنعوا به الكلأ".
الثاني: المُنْفِقُ سلعته باليمين المغلَّظة الكاذبة ممَّن يحلف بالله بعد العصر -وهو زمن التغليظ- أنَّه قد اشتراها بكذا، وهو كاذب؛ ليغر ويغش المشتري، فيشتري منه بزيادة عن قيمتها الحقيقية، فيصدِّقه المشتري، ويشتري منه بقدر ما حلف عليه، أو أكثر.
فهذا جمع بين الكذب، وبين الحلف بالله تعالى وهو كاذب، وبين الحلف في زمنٍ فاضل، وبين خدعه المشتري، وبين أكله المالَ بالباطل.
الثالث: من بَايَعَ إماماً على الولاية العامَّة، لم يبايعه لأجل مقاصد الإمامة: من إقامة شعائر الله تعالى، وإقامة حدوده، ونصرة الإسلام، والنصح للرعية، لم يبايعه لذلك، وإنَّما بايعه لطمع الدنيا؛ ليعطيه منها؛ ولذا فإنَّ هذا المبايع في مبايعته إنْ حصل له مطلوبه بالعطاء والمِنَح، رَضِيَ ووفَى ببيعته، وإنْ لم يعطه منها، لم يَفِ، ولم يراقب مقام الولاية، ووجوب السمع والطَّاعة عليه فيها،