هذا هو الرِّق بأسبابه وآثاره وكثرته في غير الإسلام.
ولم نأتِ إلاَّ بالقليل من شنائعه عندهم.
فلننظر في الرق في الإسلام:
أولاً: إن الإسلام ضيَّق مورد الرِّق؛ إذ جعل النَّاس كلهم أحراراً، لا يطرأ عليهم الرِّق إلاَّ بسببٍ واحدٍ، وهو أنْ يؤسروا وهم كفَّار مقاتلون، مع أنَّ الواجب على القائد أنْ يختار في المقاتلة من رجالهم الأصلح من الرق، أو الفداء، أو الإطلاق بلا فداء، حسب المصلحة العامَّة.
فهذا هو السبب وحده في الرق، وهو سبب كما جاء في النقل الصحيح،؛ فإنَّه يوافق العقل الصحيح أيضاً:
فإنَّ من وقف في سبيل عقيدتي ودعوتي، وأراد الحدَّ من حريتي، وألَّب علىَّ، وحاربني، فجزاؤه أنْ أمسكه عندي ليفسح المجال أمامي وأمام دعوتي.
هذا هو سبب الرِّق في الإسلام، لا النهب، والسلب، وبيع الأحرار، واستعبادهم؛ كما هو عند الأمم الأخرى.
ثانياً: إنَّ الإسلام رفَقَ بالرقيق، وَعَطَفَ عليهم، وتوعَّد على تكليفهم وإرهاقهم؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّلاة، وما ملكت أيمانكم" [رواه أحمد (١١٧٥٩)].
وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضاً:"للمملوك طَعَامُهُ وقُوتُهُ، ولا يكلَّف من العمل مالا يطيق"[رواه مسلم].
بل إنَّ الإسلام رفع من قَدْرِ الرقيق حتَّى جعلهم إخوان أسيادهم:
فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "هم إخوانكم وخَوَلُكُمْ، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن