بالأب والأم، بواسطة عمليَّة التناسُلِ في الحيوان، واكتُشِفَتْ أخيرًا الصِّبْغِيَّاتُ باعتبارها أساسًا ماديًّا بانتقالِ الصفات الوراثية، فيرث كلُّ فردٍ من أبويه عند إخصاب البويضة بالخليَّةِ الذَّكَرية، وليس هذا فحسبُ، بل إنَّ تأثير الوراثة ضِمْنَ الجِينَاتِ يمتدُّ عبر القرون ليتصلَ بالآباءِ والأجداد.
فالعلمُ الحديثُ كشَفَ أن ضمن "الجِينَاتِ" تكمُنُ أسرار، يظهرها الله تعالى متى شاء، ومِنْ ضِمْنِ تلك الأسرار: الصفاتُ والسيماتُ والملامحُ التي تعطي الإنسان صفته وشكله، واستعدادَهُ لكثيرٍ من الأخلاق والصفاتِ البدنية والنفسية، وهذا الاكتشافُ الجديد أظهَرَ معجزةً علميَّةً نبويَّة في الحديث الشريف، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "عسى أنْ يكونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ" [رواه البخاري (٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠)].
٤ - قال الدكتور محمَّد علي البار:
هذه كلمةٌ موجزةٌ عن قانون الوراثة التي تنتقلُ بموجبها الصفاتُ الخَلْقِيَّة من الأبوين إلى المولود.
وخلاصةُ الكلام: أنَّ الصفاتِ الوراثيةَ إمّا أنْ تكونَ "سائدة"، أو "متنحِّية": فإذا كانتْ سائدة، فإنَّ وجودها في أحد الأبوَيْن يكفي لظهورها في نصف الذرية.
وإنْ كانت متنحية، فإنها لا تظهر في الذرية إلاَّ إذا كانتْ هذه الصفةُ موجودةً في الأبوين كليهما، دون أنْ تظهر عليهما، فتظهَرُ على ربع الذرية، ويكونُ الربع الثاني خاليًا تمامًا من هذه الصفات.
وبما أنَّ الصفاتِ الوراثيةَ محمولةٌ على ما يسمَّى "الصِّبغِيات"، وبما أنَّ هذه الصبغيات تكونُ على هيئة أزواجٍ في الخلايا الجسدية للأب أو للأم، فإنَّها تتعرَّض للانقسامِ الاختزاليِّ في المبيض، لتكون البيضة في الخصية ليكوَّن الحيوان المنوي.