للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وملبسٍ، ومسكنٍ، ومركبٍ، وغير ذلك من طيبات الحياة الدنيا، ولم يحرم من ذلك إلاَّ ما فيه مضرَّةٌ على الدِّين، أو على البدن، أو العقل، أو العِرض، أو المال؛ وهي الضروريات الخمس.

٢ - وفي هذا الحديث الإباحة في أكل، وشرب، ولبس ما طابَ من متع الحياة الدنيا المباحة؛ فلا يحرم نوعٌ من الأنواع، ولا جنسٌ من الأجناس، ولا قدر معيَّنٌ منها، فالله تعالى قال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩].

٣ - إنَّما المحرَّم من ذلك ما بلغ حدَّ الإسراف والخيلاء والاستعلاء بذلك على النَّاس، فهذا محرَّم؛ لأنَّه خروج عن حدِّ الإباحة إلى السرف؛ قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١]، فالآية الكريمة أباحت الأكل، ولم تحده إلاَّ بالسرف، والسرف: مجاوزة الحد المباح.

٤ - قال الشيخ عبد اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح النَّفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإنَّ السرف مضرٌّ بالجسد، ومضر بالمعيشة، ويؤدِّي إلى الإتلاف، فيضر بالنَّفس؛ إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال.

والمَخْيَلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضر بالآخرة حيث تكسب الإثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من النَّاس.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>