الثاني: أنَّه من كان بينهما توارث؛ واحتج هؤلاء بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثمَّ أدناك أدناك"؛ فالحث هنا على الأدنى فالأدنى، والقرابة الموالية هى الوارثة.
الثالث: أنَّها عموم القرابة بقطع النظر عن حرمة النكاح أو الإرث.
وهذا قولٌ وجيه؛ ولكنَّها تختلف الصلة والبر بحسب القرب والبعد بينهم، وباختلاف القدرة والحاجة.
٣ - الصلة الحقيقيَّة والبر ليست لمن بينك وبينه من أقاربك تبادل بالصلة والبر والعطاء والزيارة، ونحو ذلك، فهذا يسمَّى مكافئًا.
فقد جاء في البخاري (٥٩٩١) أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل الَّذي إذا قطعت رحمه وصلها".
فهذا يدل على أنَّ الوصل الممدوح حقًّا هي الصلة في القريب الَّذي قطعك، فهذه هي الصلة الكاملة، والأولى حميدة أيضًا.
٤ - فالدرجات مع الأقارب ثلاث:
- واصل.
- مكافىء.
- قاطع.
٥ - جاء في صحيح مسلم (٢٥٥٨) من حديث أبي هريرة: "أنَّ رجلاً قال: يارسول الله! إنَّ لي قرابةً أصلهم، ويقطعونني، وأُحسن إليهم، ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم، ويجهلون عليَّ؟ فقال النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: إنْ كُنت كما قلت، فكأنَّمَا تُسِفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك".
٦ - قال الإمام النووي في معنى الحديث: "إنَّك بإحسانك إليهم تحزنُهم، وتحقرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك، وقبيح فعلهم، فهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف الملَّ، والمل: هو الرَّماد الَّذي يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج.