وتأوَّل الجمهور حديث أبي سعيد بأنَّه وجوبُ اختيارٍ لا وجوبُ إلزام؛ كقول الإنسان لصاحبه: حقُّكَ واجبٌ عليَّ.
وأنَّ الحديثَ ورَدَ موردَ التأكيدِ والاهتمامِ بالغُسْلِ لهذه الشعيرة الكبيرة.
وتوسَّط شيخ الإِسلام ابن تيمية فقال: هو مستحبٌّ، ولكنَّه يجبُ على مَنْ فيه رائحةٌ كريهة، وعنده عَرَقٌ يؤذي به المصلِّين والملائكة، فلا يجوز أنْ يحضر الجمعةَ واجتماعَ المسلمين بهذه الرَّائحة، حتَّى يقطعها بالاغتسال والتنظيف.
ويؤيِّد ما ذهب إليه الشيخ تقي الدِّين: ما جاء في البخاري (٩٠٢)، ومسلم (٨٤٧)، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النَّاس ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العوالي، فيأتون بالعباء ويصيبهم الغبار، فيخرُجُ منهم الريح، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو أنَّكم تطهَّرْتُمْ ليومكم هذا".
أمَّا ابنُ القيِّم فقال في الهَدْي: الأمرُ بالغُسْلِ يومَ الجمعة مؤكَّدٌ جِدًّا، ووجوبُهُ أقوَى من وجوبِ الوتر، وقَراءةِ البسملة في الصلاة، ووجوبِ الوضوء مِنْ مَسِّ النِّساء، ووجوبِهِ من مسِّ الذَّكر، ومِنَ الرُّعَافِ والحجامة.