للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، وقد عرَّف الزهدَ في الدنيا شيخُ الإِسلام ابن تيمية بقوله: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - قال في الإحياء: الزهد في الدنيا مقامٌ شريف من مقامات السَّالكين، وينتظم هذا المقام: من علم، وحال، وعمل؛ كسائر المقامات، والزهد عبارةٌ عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خيرٌ منه، وقد جرت العادة بتخصيص اسم الزَّاهد بمن ترك الدنيا، ومن زهد في الدنيا، مع رغبته في الجنَّة ونعيمها؛ فهو -أيضًا- زاهد؛ ولكنَّه دون الأوَّل.

٢ - وليس من الزهد ترك المال وبذله على سبيل السخاء واستمالة القلوب، وإنَّما الزهد أنْ يترك الدنيا؛ للعلم بحقارتها بالنسبة إلى نفاسة الآخرة.

٣ - قوله: "ازهد في الدنيا يحبك الله":

قال الشيخ: الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة.

وقال ابن رجب: الزهد في الدنيا ثلاثة أشياء، كلها من أعمال القلب، لا من أعمال الجوارح:

أحدها: أنْ يكون العبد بما يزيد الله أوثق منه بما يزيد نفسه، وهذا ينشأ عن صحَّة اليقين وقوته، فإنَّ الله تعالى ضمن أرزاق عباده، وتكفَّل بها؛ قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦].

الثاني: أنْ يكون العبد إذا أصيب بمصيبةٍ في دنياه من ذهاب ولد، وغير ذلك، كان أرغب في ثواب الله ممَّا ذهب من الدنيا أنْ يبقى له، وهذا ينشأ من كمال اليقين.

الثالث: أنْ يستوي عند العبد حامده وذامه في الحق، وهذه من علامات الزهد في الدنيا واحتقارها، وقلة الرغبة فيها، فإنْ عظمت الدنيا عنده، اختار المدح، وكره الذم، فمن استوى عنده حامده وذامه في الحق، دلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>