- ما لا يعنيه: يُقال: عُنِيتُ بالحاجة، فأنا بها مَعْنِيّ، أي: اهتممت بها، واشتغلت بقضائها.
* ما يؤخذ من الحديث:
١ - قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: الَّذي يعني الإنسان هو الَّذي تتعلَّق به عنايته، ويكون مقصده ومطلوبه، والعناية شدَّة الاهتمام بالشيءِ.
وليس المراد: أنه ترك ما لا عناية به، ولا إرادة، بحكم الهوس، وطلب النفس، بل بحكم الشرع والإِسلام؛ ولذا جعله من حسن الإِسلام؛ فإنَّ من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال، وسَلِمَ من المحرَّمات، والمشتبهات، والمكروهات، وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها؛ فإنَّ هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامه، وبلغ درجة الإحسان وهو أن يعبد الله كأنَّه يراه، فإنْ لم يكن يراه، فإنَّ الله يراه، فمن عَبَدَ الله على استحضار قربه، ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه، فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أنْ يترك كل ما لا يعنيه في الإِسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه؛ فإنه يتولَّد من هذين المقامين الاستحياء من الله، وترك كل ما يُستحيا معه.
٢ - وقال الشيخ أحمد الفشني: الَّذي يعني الإنسان من الأمور ما يتعلَّق بضرورة حياته في معاشه، وسلامته في معاده، وذلك يسير بالنسبة إلى ما لا يعنيه، فإنِ اقتصر الإنسان على ما يعنيه من الأمور، سلم من شرٍّ عظيم، والسَّلامة من الشرِّ خير.
٣ - قال ابن عبد البر: كلامه -صلى الله عليه وسلم- هذا من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة.