جاء في البخاري (٢٣٤) ومسلم (٥٨) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا"، وذكر منها:"وإذا حدَّث كذَّب".
وجاء في البخاري (٦٠٩٤) ومسلم (٢٦٠٧)، من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".
٣ - قال النووي: اعلم أنَّ الكذب، وإن كان أصله محرَّمًا، فيجوز في بعض الأحوال:
كل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه.
- وإن لم يمكن تحصيله إلاَّ بالكذب، جاز الكذب.
- ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا، كان الكذب مباحًا.
- وإن كان واجبًا، كان الكذب واجبًا.
فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله، وسئل إنسان عنه، وجب الكذب بإخفائه، ومثله الوديعة المخفاة عن ظالم، والأحوط التورية، ومعناها: أن يقصد بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب.
والدليل على ذلك: ما جاء في البخاري (٢٦٩٢) ومسلم (٢٦٠٥) عن أم كلثوم؛ أنَّها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا" ورواية مسلم عنها قالت: لم أسمعه يرخِّص في الكذب إلاَّ في ثلاث: "في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها".
قال عياض: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الأمور الثلاثة.