للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصلُّون هم ولا أممهم إلاَّ في أمكنةٍ خاصَّة؛ ولذا جاء في بعض روايات هذا الحديث: "وكان مَنْ قبلي إنَّما يصلون في كنائسهم" [قال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله ثقات (١٠/ ٣٦٧) وفي رواية أخرى: "ولم يكن أحدٌ من الأنبياء يصلِّي حتَّى يبلغ محرابه" [رواه البيهقي (٢/ ٤٣٣)].

وعمومُ الأرض في هذا الحديث مخصوصٌ بما نَهَى الشَّارعُ عن الصلاة فيه من الأماكن، ممَّا سيأتي بيانه في موضعه، إنْ شاء الله تعالى.

١٠ - أنَّ الله تعالى يسَّر أمر هذا النبيِّ الكريمِ، وَأَمْرَ أمته، فجعَلَ له صعيدَ الأرض طهورًا؛ فقال: "وجعلت تربتها لنا طهورًا؛ إذا لم نجد الماء"، وكما جاء في الحديث الآخر: "الصعيد وَضُوءُ المسلم، وإنْ لم يجد الماء عشر سنين" [رواه الدَّارقطني (١/ ١٨١)]، بينما الأممُ السَّابقة لا يطهِّرها إلاَّ الماء، فالتيمُّم والصلاة في جميع الأرض هي خصوصيةٌ خَصَّ اللهُ بهما هذه الأمَّة؛ تخفيفًا عنها، ورحمة بها، فله الفضل والمنَّة.

١١ - أنَّ الأصل في الأرض الطهارة؛ فتجوزُ الصلاة فيها، والتيمُّم منها.

١٢ - أنَّ كل أرضٍ صالحةٌ للتيمُّم منها، سواءٌ كانت رملية أو صخرية، أو سبخة رطبة أو يابسة.

١٣ - قوله: "فأيما رجلٍ" لا يراد به جنس الرِّجالِ وحدهم، وإنَّما يراد النساء أيضًا، فالنساءُ شقائقُ الرجال.

١٤ - قوله: "وجعلت ترتبها لنا طهورًا" دليلٌ على أنَّ التيمُّم رافعٌ للحدث كالماء؛ لاشتراكهما في الطهورية، وبهذا قال الحنفية، أمَّا المشهور من مذهب الحنابلة والمالكية والشَّافعية: فإنَّه مبيح لا رافع، ولكنَّه قولٌ ضعيفٌ، فالتيمُّم بدل الماء، وله أحكامه.

١٥ - المشهور من مذهب الإمام أحمد: أنَّ التيمُّم يكون لنجاسة البدن، والرواية الأُخرى: أنَّه لا تيمُّم لها؛ لأنَّ الشرع إنَّما ورد بالتيمُّم للحدث دون

<<  <  ج: ص:  >  >>