في رأسه، ثمَّ احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصةً في التيمُّم؟ قالوا: لا، ما نجدُ لك رخصةً وأنت تَقْدِرُ على الماء، فاغتسَلَ فمات، فلمَّا قدمنا على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، أُخْبِر بذلك؟ فقال:"قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذْ لم يعلموا؛ فإنَّما شفاء العي السؤالُ؛ إنَّما كان يكفيه أنْ يتيمَّم، ويعصب على جرحه خرقة، ثمَّ يمسح عليها، ويغسل سائر جسده".
٢ - هذا الحديثُ يوافقُ القرآن الكريم في قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} ولا يخالفُ صحيح سُنَّة في جواز المسح على الكسور والجروح، وإنَّما الحديث ضعيف؛ فقد ضعَّفه البيهقي، وقال: لا يثبت عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب شيء، وضعَّفه الحافظ هنا فقال: رواه أبو داود بسندٍ ضعيف، ولكن كما تقدَّم له ما يَعْضُدُهُ.
٣ - يدل الحديث على مشروعية المسح على الجبيرة، سواءٌ كانت على جرح أو كسر، وهي عزيمةٌ وليست رخصة.
٤ - أنَّ الواجب المسحُ على كلِّ الجبيرةٍ، وليس على بعضها؛ كالخفين.
٥ - غسلُ بقيَّة بدنه الَّذي لم تصبه الجراح؛ ولذا قال بعض العلماء: إنَّه قد يجتمع في الجبيرة على العضو الواحد ثلاثة أمور: غسلٌ ومسحٌ وتيمُّم، فالغسل للبارز من العضو، والمسح لما فوق الجرح من جبيرة، والتيمُّم لما غطته الجبائر من الصحيح الَّذي تعدَّى قدر حاجة الربط، ويخشى الضرر بنزعه، ولعلَّ هذا هو المرادُ من الحديث الَّذي جَمَعَ التيمُّم والمسح والغسل، وهذا على القول الرَّاجح من أنَّ ما تحت الجبيرة لا يتيمَّم عنه بل يمسح فقط؛ كما هو مذهبُ الجمهور الذي بينَّاه في الحديث السَّابق.